كل ما تحتاج معرفته عن المصباح الكهربائي ومخترعه العبقري: رحلة الإبداع والإلهام!
منذ قديم الزمن، اعتمد البشر على مصادر إضاءة طبيعية مثل ضوء القمر، وكذلك الشموع والفوانيس،ومع تطور الحضارات، تم استخدام أنواع مختلفة من الإضاءة، ولكنها كانت محدودة في فعاليتها،في النصف الأول من القرن التاسع عشر، شهدت إضاءة الغاز تطورًا ملحوظًا، ولكن في هذا المقال، سنستعرض تطور المصباح الكهربائي وتاريخ مخترعه، الذي ساهم بشكل كبير في تحسين نوعية الحياة اليومية للبشر.
بدأت قصة المصباح الكهربائي في أوائل القرن التاسع عشر، عندما قام العالمان والمخترعان بتجارب مختلفة في مجال الكهرباء،أولى هذه التجارب كانت على يد همفري ديفي، الذي اخترع أول ضوء كهربائي في عام 1802،حيث قام بتجربة ربط الأسلاك ببطارية كهربائية وقطعة من الكربون، مما أدى إلى توهج الكربون وإنتاج ضوء قوي، وهو ما عُرف بمصباح القوس الكهربائي،لكن، على الرغم من الوهج القوي الذي كان ينتجه، إلا أنه لم يكن قابلًا للاستخدام العملي لفترات طويلة.
على مر العقود اللاحقة، قام العديد من المخترعين بمحاولات عدة لتطوير تصاميم مختلفة لمبات الإضاءة، ولكن لم تكن هناك أي تصميمات قابلة للتطبيق التجاري حتى عام 1840،في هذا العام، قام العالم وارن دي لا رو بتطوير نموذج تضمن خيوط بلاتينية ملفوفة داخل أنبوب مفرغ مُرر به تيار كهربائي، حيث كان يهدف إلى استخدام درجات حرارة عالية لضمان فعالية الإضاءة لفترات أطول،ومع أن التصميم كان فعالًا، إلا أن تكلفة البلاتين العالية أدت إلى عدم نجاحه في الإنتاج التجاري.
وفي عام 1850، جاء فيزيائي إنجليزي يُدعى جوزيف ويلسون سوان ليقوم بتطوير لمبة ضوء عن طريق وضع خيوط من الورق المكربين داخل لمبة زجاجية أُخليت من الهواء،ومع ذلك، لم يحدث التطور الحقيقي إلا بعد عقد من الزمان، عندما بدأ توماس إديسون بحثه الجاد في تطوير المصباح المتوهج العملي،وفي 14 أكتوبر من عام 1878، قدم إديسون طلب براءة اختراع له بعنوان “تحسين في الأضواء الكهربائية”.
تاريخ إديسون حافل بالإنجازات، فقد وُلد في ميلانو، أوهايو، في 11 فبراير 1847، وكان له نصيب كبير من الابتكار،تقدم إديسون في براءات اختراعه، بما في ذلك براءة اختراعه الأولى في آلة التصويت الكهربائي عام 1868،وخلال مسيرته، قدم إديسون الفونوغراف والكثير من الاختراعات الأخرى، وتعد محاولة تطوير المصباح الكهربائي من أبرز إنجازاته،بينما لم يكن إديسون هو المخترع الوحيد لمثل هذه المصابيح، إلا أنه عمل جنبًا إلى جنب مع فريقه على إجراء آلاف التجارب لتطوير المصباح الكهربائي حتى تمكن من إنتاج ضوء ساطع عملي لفترات طويلة،اشتهر عن إديسون تركيزه على إيجاد المواد المناسبة للخيوط، جرب أكثر من 6000 نوع من النباتات حتى توصل إلى أن أفضل مادة هي خيوط القطن المكربن.
في النهاية، تمكن إديسون من اكتشاف خيوط قطن سمحت له بإنتاج ضوء ساطع لأكثر من 13 ساعة متواصلة، وكان هذا بمثابة نجاح ثوري،أودع إديسون أول براءة اختراع لمبة الضوء في 27 يناير 1880،ومن المثير للاهتمام أنه، على الرغم من إحراز إديسون تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، فقد تم تطوير أكثر من 20 مصباحًا متوهجًا قبل نسخته، ولكن أديسون يُعتبر الرائد لأنه استطاع تجاوز الإصدارات الأخرى،لاحقًا، تم اكتشاف أن المادة المثالية للخيوط هي الخيزران المكربن، مما زاد من عمر المصباح إلى أكثر من 1200 ساعة من الضوء.
تم إجراء أول اختبار واسع النطاق لمصابيح إديسون في 4 سبتمبر 1882 عندما أضيئت 25 مبنى في الحي المالي بمدينة نيويورك، وهو حدث يُعتبر نقطة انطلاق لتاريخ الإضاءة الكهربائية في العالم.
إجمالًا، تُعد قصة المصباح الكهربائي وتاريخ مخترعه توماس إديسون مثالًا رائدًا لإبداع الإنسان ورغبته في تحسين نوعية حياته،إن اختراعات إديسون قد غيرت مجرى التاريخ، ويظهر هذا التقدم الكبير في التكنولوجيا وقدرتها على تحسين الحياة اليومية للناس،وفي عام 1963، تم دمج منزل إديسون ومعمله في موقع تاريخي للحديقة الوطنية في ويست أورانج، نيو جيرسي، ليصبح معلمًا سياحيًا يتيح للزوار التعرف على التاريخ وراء اختراعات إديسون،يمكن القول إن إديسون لم يكن مجرد مخترع، بل كان رمزًا للابتكار والإبداع والبحث المستمر عن الحلول التكنولوجية التي تجعل الحياة أجمل.